وليصل لك كل جديدنا تـابعنا بتويتر Follow @bein_live
الجنة عند رجلها
بهذه الصيغة جاءت الوصية بالأم في حديث رواه النسائي عن معاوية بن جاهمة أن أباه جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله! أردتُ أن أغزُو وَقد جئتُ أستشيرك. فقال له: هل لك من أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها، فإن الجنة عند رجلها». وفي الباب روايات بصيغ متعددة مثل «الجنة تحت أقدام الأمهات».
من ذا الذي يرضَى أن تَنسُل له زوجه ذرية ضعيفة مهينةً مريضةً نفسيا، نشأت على اللف والدوران والكذب والحيلة والكيد والمراوغة؟ إذا كانت العشرة الزوجية معتلة فالأمومة مُعَوَّقة والذريَّةُ ترضَع الآلام. من كان من الآباء لا يحب تلك الصفات الرديئة في نسله فليعمل على تلافي أسباب تكونها في بيئته. يفعل ذلك رحمةً بالنسل إن كان دينُه وخوفه من الله لا يحمله على الاستقامة. يظلم الزوج ويضربها لا يحسُبُ حساب الآخرة ولا حساب الدنيا.
مَن مِثلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ ومع ذلك، وتعليما وتأديبا لنا، يضرب لنا المثَل في اتقاء الله في الضعيف. روى ابن سعد أن خادما أغضبته صلى الله عليه وسلم فهددها قائلا: «لولا القِصاص يومَ القيامة لأوْجعتُكِ بهذا السواك!» تهديد فقط! وتهديد بسِواك! ما يوجع السواك وما يؤلم يا أيها الفقيه الذي يفتي بضرب المرأة ضربا لا يكسر العظام؟ لا تكسر العظام وشرِّح اللحم ومزِّق الجلد وأسِل الدماء. فإِذا تذكرنا أنه صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا إذا انتُهِكت حرمات الله، ظهر لنا أن الخادم لا شك بالغت في السوء، وقدَّرنا حقَّ قَدْرِه لطف التأديب مقَارنا بِعظم الجُرم.
من كانت رجولته لا تتجلَّى إلا في الوحشية العَضلية والعدوان على أم أولاده، وكانت مُروءته تنتهي حيث ينتهي مجلس المؤانسة والمجاملة مع الأصدقاء، فإذا دخل البيت دخل غولا، وكان حسابُ الآخرة والرحمةُ بالخلق مزايا مجهولة في قارَّته فذاك أفعوان بشريٌّ. إلا أن تكون هي أفعى تستفِز، وتختزل حيثيَّة وجودها في المماحكة واصطناع أسباب الصدام. إلا أن تكون دخائلها وأباطيلها مما يوحي الشيطان لأوليائه.
إن فكرة الأمومة، وقداسة الأمومة، وحرمة الأم، ووظيفة الأم، لمما تتقدم به مُناضلات «تحرير المرأة» من الإسلام، يَعِبْن على الإسلام أن رفع الأم مكانة التعظيم، ويَعبْن الإسلام بعيوب من انتسب إلى الإسلام وأساء القِوامة، وعنُفَ وضرب وظلم وشرَّد. ثم يتهمنَ الإسلام بأن المرأة في دين الإسلام ما هي إلا وِعاءُ وَلَدٍ.
يتقدمْنَ المناضلات المارقات بهذا ومثلِه معه، ومعهن الحجة القاطعة والنموذج الكامل: المرأة الغربية العالمية التي تحررت، أو كادت تتحرر من أعباء الأمومة.
الاتجاه الإديولوجي النسوي العالمي، بقيادة يتزعمها في كل بلدٍ أكثرهن تفرنجا، هو تخلية المرأة من أثقال الحمل والإنجاب والتربية. عاملان اثنان، بل مِعولان اثنان، آخذان في الإجهازِ على أطلال الأسرة، وأطلال البِنية النفسية الفطرية. أحدهما ضرورة تفريغ المرأة من خدمة البيت وأعباء الأمومة لتُرضي طموحها في تسلق السلم الاجتماعي ومُطاولة الرجل لنزع السلطة الاقتصادية والسياسية من يده، ولتترقى في ميدان الأعمال المنتِجة الصانعة البائعة التاجرة.
336